العقاب الجماعى صار شعار المرحلة سواء بالعزل كما حدث مع البورسعيدية فى أحداث بورسعيد، أو بالنزوح القسرى والنفى والتهجير للمسيحيين كما حدث فى العامرية بالإسكندرية!! سلوك لا يخضع لعقل أو قانون، وتصرف لا يمت بصلة لوطنية أو إنسانية، استمعت إلى قصتين الأولى من بورسعيد حكاها لى المحاسب محمد الحمامصى، والثانية من الإسكندرية كتبها لى الكاتب شمعى أسعد.

البورسعيدى المريض لا يستطيع النزول إلى القاهرة ليعالج من ورم خبيث أو من مرض عضال، وذلك لأن كثيراً من عربات الميكروباص والعربات الخاصة تتحطم بمجرد معرفة أنها تنتمى لبورسعيد، حدث شبه اتفاق سرى ما بين إدارة المرور وأصحاب السيارات على نزع اللوحات المعدنية البورسعيدية وتغييرها إلى لوحات دمياطية!! حدث اختراع آخر وهو هبوط المسافر إلى القاهرة فى الإسماعيلية ثم مواصلة الطريق إلى القاهرة.

أى أن البورسعيدى يأخذ مواصلتين حتى ينزل إلى عاصمة وطنه، حتى الجنود فى بورسعيد ممن ينتمون لمحافظات أخرى مسجونون ومعزولون فى هذه المدينة والتى كتب عليها هذا الحادث النفى والعزل كالجمل الأجرب!

أما قصة العامرية فهى قصة مخجلة تدل على مدى الاحتقان الطائفى الذى وصلنا إليه، وعلى مدى تحلل معنى المواطنة وانهيارها ودهسها تحت أحذية الهستيريا التى شقت هذا الوطن بسكين إلى أشلاء، يحكى شمعى أسعد كشاهد قريب من ضحايا الأحداث قائلاً: «بدأ الموضوع بشائعة عن ترزى مسيحى بيصور البنات المسلمات فى غرفة البروفة وبيعرض صورهم على الموبايل.

وبناء على الشائعة فقط بدون وجود لأى صور قامت المباحث باستدعاء الترزى وحبسه، بحجة أن يوم الجمعة يمر على خير، ويوم الجمعة معداش طبعاً على خير رغم حبس الترزى، وقام شخص وجمع معاه عدد كبير من الناس ما يقرب من ألفين شخص.

وتوجهوا لمنزل الترزى وهو بيت عيلة إخوات ساكنين كل واحد فى شقة فى نفس العقار وطلبوا منهم يخلوا البيت ويمشوا من المنطقة، وتم نهب محلاتهم لأن كل أخ كان عنده محل فى نفس البيت، أخو الترزى المسيحى عنده محل قطع غيار سيارات وعندهم محل تانى للأقمار الصناعية، المحلات تم نهبها بالكامل.

وتم إضرام النار فيها بعد نهبها بدون تدخل أى حد لنجدة الضحايا، وتم الاعتداء على بيوت أقباط أغنياء آخرين، كانوا خمس أسر بجانب ثلاث أسر هى أسرة المتهم، يعنى 8 أسر تم تهجيرهم من المنطقة تهجير قسرى وده الموقف الحالى، الترزى مازال محبوس فى سجن الحضرة

والـ8 أسر مشردين وتم سرقة كل أملاكهم وبيوتهم وفى الجلسات العرفية بزعامة شيخ سلفى تم الاتفاق على تهجير 3 أسر، اللى هم أسر الترزى وإخوته ويتفاوضون على عودة الخمس أسر الآخرين».

انتهت رسالة الأستاذ شمعى، وسواء كانت شائعة أو حتى كانت مشكلة حقيقية ما بين مسيحى ومسلم على خلفية علاقة غرامية أو مشكلة ذات جذور جنسية، فحل هذه المشكلة يكون بالقانون، والعقاب يكون عقاباً للمتهم فقط، ولكن أن تأخذ القضية أبعاد تهجير ونفى لكل مسيحى فى المنطقة هنا تكون الكارثة، والاعتماد على الجلسات العرفية التى يديرها صناع المشكلة هو تصعيد للمشكلة وإغلاق لجرح على صديد.